مرحباً بكم، أنا الأستاذ ليو من شركة جياشي للضرائب والمحاسبة. خلال الـ12 سنة اللي قضيتها في خدمة الشركات الأجنبية هنا في الصين، شفت عشرات الحالات اللي تتعلق بموضوع تحديد أسعار التعاملات ذات الصلة. كثير من العملاء بيجوا وهم فاكرين إن الموضوع سهل وبسيط، ولما بيواجهوا واقع التشريعات الصينية المعقدة، بيبقوا في حيرة كبيرة. الصين فيها نظام ضريبي متطور جداً في مجال التسعير التحويلي، واللي بيتابع بشكل دقيق من مصلحة الضرائب. في المقالة دي، هقسم معاكم خبرتي الـ14 سنة في مجال التسجيل والمعاملات، عشان تفهموا القواعد دي من منظور عملي واقعي.
التعاملات ذات الصلة في الصين مش مجرد نقل بضائع أو خدمات بين شركات في مجموعة واحدة، لا، دي قضية استراتيجية ضريبية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. الحكومة الصينية بتولي الموضوع ده اهتمام كبير، خصوصاً بعد ما انضمت لـBEPS (مشروع تآكل القاعدة الضريبية وتحويل الأرباح) التابع لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. في 2016، صدرت الصين "الإعلان الخاص بمعاملة الضرائب على التعاملات ذات الصلة رقم 42"، واللي يعتبر تحول كبير في سياسة التسعير التحويلي. كمان في 2017، ظهرت وثيقة الإعلان رقم 6 اللي وسعت نطاق المعلومات المطلوبة للإفصاح. يعني ببساطة، السلطات الضريبية الصينية عندها الآن أدوات وتقنيات متطورة جداً لتتبع وتحليل التعاملات بين الأطراف ذات الصلة.
في شركة جياشي، دايماً بنقول للعملاء الجدد: "التسعير التحويلي في الصين مش لعبة، ده علم ودقة والتزام". شفت شركات كتير خسرت ملايين اليوانات بسبب سوء فهم القواعد، أو محاولة "التهرب الذكي" اللي بتبين في النهاية إنه غلط فادح. مرة من المرات، شركة أوروبية للمكونات الإلكترونية كانت بتبيع منتجاتها لشركة تابعة في الصين بأسعار أقل من السوق بكثير، عشان تقلل الأرباح الخاضعة للضريبة هنا. النتيجة؟ غرامات ضريبية كبيرة جداً، وتعديلات رجعية على مدى ثلاث سنوات، والشركة كادت تفقد رخصتها للعمل في الصين. علشان كده، فهم قواعد تحديد الأسعار للتعاملات ذات الصلة مش رفاهية، بل ضرورة استراتيجية لأي مستثمر أجنبي في السوق الصينية.
مبدأ المسافة بين الأطراف
مبدأ المسافة بين الأطراف هو حجر الزاوية في كل أنظمة التسعير التحويلي في العالم، والصين بتطبقه بصرامة شديدة. المبدأ ببساطة يعني إن التعاملات بين الأطراف ذات الصلة لازم تكون بنفس شروط التعاملات بين أطراف مستقلة تماماً. يعني إيه كده؟ يعني لو عندك شركة أم في ألمانيا وبتصدر مواد خام لشركتك الفرعية في شنغهاي، السعر المفروض يتحدد على أساس إيه؟ على أساس السعر اللي كان هيتم لو الشركتين دول مش مترابطتين، وكل واحدة فيهم بتدور على مصلحتها الخاصة بمنأى عن تأثير الطرف التاني.
في التطبيق العملي، تطبيق مبدأ المسافة بين الأطراف بيواجه تحديات كتيرة. أنا شخصياً شفت حالات كتيرة لشركات أجنبية بتفترض إنها عارفة السعر "العادل" من غير ما تعمل دراسة سوق حقيقية. مرة، شركة أمريكية للمشروبات كانت بتحدد أسعار الترخيص التكنولوجي لشركتها في قوانغتشو بناءً على معايير السوق الأمريكي فقط، من غير ما تأخذ في الاعتبار ظروف السوق الصيني المختلف تماماً. النتيجة؟ مصلحة الضرائب الصينية رفضت الأسعار دي وطلبت تعديلها، لأنها مكنتش تعكس ظروف المسافة بين الأطراف في السياق الصيني.
كيفية تطبيق المبدأ ده في الصين بتكون من خلال خمس طرق رئيسية معترف بيها عالمياً: طريقة السعر المقارن بين غير الأطراف ذات الصلة، طريقة السعر المعاد بيعه، طريقة التكلفة زائد هامش الربح، طريقة صافي هامش الربح، وأخيراً طريقة التوزيع الربحي. كل طريقة من الطرق دي ليها ظروف تطبيق معينة، ومش كلها تناسب كل أنواع التعاملات. في خبرتي، أغلب الشركات الأجنبية في الصين بتستخدم طريقة التكلفة زائد هامش الربح للتعاملات التصنيعية، وطريقة صافي هامش الربح للخدمات والدعم الإداري. لكن القرار النهائي بيكون بناءً على تحليل وظيفي مفصل للطرفين.
التحدي الأكبر اللي بنشوفه في الميدان هو إن بعض الشركات الأم بتحاول تفرض أسعار من واقع سوقها المحلي من غير ما تعدل للظروف الصينية. الصين فيها منافسة شديدة، وتكاليف عمل مختلفة، وطلبات خاصة من المستهلكين، كل العوامل دي بتأثر على التسعير. علشان كده، في جياشي بننصح دايماً بعمل دراسة سوق محلية مفصلة، ولو ممكن، مقارنة مع شركات مستقلة في الصين تعمل في نفس المجال. ده بيوفر حماية كبيرة ضد التحديات الضريبية المستقبلية.
طرق التسعير الرئيسية
الصين بتعترف رسمياً بالخمس طرق التقليدية للتسعير التحويلي، لكن في الممارسة العملية، في طريقتين هم اللي بيستخدموا في أغلب الحالات. الطريقة الأولى والأكثر شيوعاً للأنشطة التصنيعية هي طريقة التكلفة زائد هامش الربح. الفكرة هنا بسيطة: الشركة الفرعية في الصين بتتحمل تكاليف الإنتاج (مواد خام، أجور، كهرباء، إلخ)، وبعدين بتزود عليها هامش ربح معقول. الهامش ده بيكون عادة بناءً على مقارنة مع شركات مستقلة في الصين بتقدم وظائف مماثلة وتتحمل مخاطر مشابهة.
الطريقة التانية اللي منتشرة كمان هي طريقة صافي هامش الربح، واللي بتناسب أكثر الأنشطة الخدمية وأنشطة الدعم. هنا بيكون التركيز على صافي الربح اللي الشركة الفرعية في الصين بتحققه نسبة لمؤشر معين (مثل المبيعات أو التكاليف التشغيلية). الميزة في الطريقة دي إنها بتأخذ في الاعتبار الاختلافات في ظروف السوق المحلي، وبتسمح بمرونة أكبر في تحديد النتيجة النهائية. لكن في نفس الوقت، مصلحة الضرائب الصينية بتكون حريصة جداً على إن الهامش يكون متسق مع ما تحققه الشركات المستقلة المماثلة.
في 2019، عملنا في جياشي مع شركة يابانية للمكونات البلاستيكية كانت بتواجه تحدي ضريبي كبير. مصلحة الضرائب شكت في إن هامش الربح اللي بتحدده الشركة الأم (5% فوق التكلفة) كان منخفض جداً مقارنة بشركات صينية مستقلة في نفس المجال. بعد دراسة مفصلة، اكتشفنا إن الشركات الصينية المستقلة كانت هامش ربحها في المتوسط 8-12%، علشان كده طلبت المصلحة تعديل الأسعار رجعياً لثلاث سنوات. الحل اللي قدمنااه كان إننا عملنا تحليل وظيفي مفصل أظهر إن الشركة اليابانية الفرعية كانت بتتحمل مخاطر أقل ووظائف أبسط من الشركات الصينية المستقلة، وبناءً على كده، قدرنا نتفاوض على هامش 6.5%، وقللنا الغرامات الضريبية بشكل كبير.
التجربة دي علمتنا درس مهم: مش بس كافي إنك تستخدم طريقة تسعير معترف بيها، لكن كمان لازم تكون البيانات والمقارنات اللي بتعتمد عليها واقعية ومناسبة للسياق الصيني. كتير من العملاء بيجوا ببيانات مقارنة من أسواق تانية (مثل فيتنام أو ماليزيا) ويتفاجئوا إن المصلحة الضريبية الصينية مابتقبلش المقارنات دي، لأن ظروف السوق مختلفة جداً. علشان كده، بننصح دايماً بالاعتماد على بيانات محلية صينية قدر الإمكان، ولو مفيش بيانات كافية، يبقى لازم نعمل دراسة سوقية ميدانية.
الإفصاح والوثائق المطلوبة
متطلبات الإفصاح والوثائق في الصين تعتبر من الأكثر شمولية وتعقيداً في العالم، ومش مجرد شكلية إدارية. من سنة 2016، بدأت الصين تطبق متطلبات الإفصاح الثلاثية (البلدان الثلاثة) اللي بتبني على معايير BEPS. النظام الجديد طلب من الشركات إنها تقدم معلومات مفصلة عن كل عملياتها العالمية، مش بس في الصين. ده خلى عملية الإفصاح أكثر تعقيداً، لكن في نفس الوقت وفر للسلطات الضريبية صورة أوضح عن هيكل المجموعات الدولية.
الوثيقة الأساسية اللي مطلوبة من كل مجموعة دولية عندها وجود في الصين هي "الوثيقة الرئيسية للبلدان". الوثيقة دي لازم تقدم نظرة عامة على هيكل المجموعة، استراتيجياتها العالمية، وتوزيع الأنشطة والقيمة بين الدول المختلفة. بعد كده، في "الوثيقة المحلية" اللي بتكون خاصة بالصين، وبتشرح بالتفصيل كل التعاملات ذات الصلة اللي الشركة الفرعية في الصين شاركت فيها، مع تحليل للتسعير التحويلي المطبق. التحدي هنا إن الوثيقة المحلية لازم تكون مكتوبة باللغة الصينية، ومتفقة تماماً مع الوثيقة الرئيسية للبلدان.
التجربة الشخصية اللي فكرتني بأهمية الإفصاح الدقيق كانت مع عميل أوروبي كان بيقدم معلومات متضاربة بين الوثائق المحلية والعالمية. في الوثيقة المحلية، كان بيدّعي إن الشركة الفرعية في الصين بتعمل "تصنيع بسيط"، لكن في الوثيقة العالمية للبلدان، نفس الشركة كانت متوصفة على إنها "مركز تصنيع رئيسي مع مسؤوليات جودة كاملة". التناقض ده أثار شكوك مصلحة الضرائب، وخلّى الشركة تخضع لفحص ضريبي مفصل استمر لمدة 8 شهور. النتيجة كانت تعديلات ضريبية كبيرة وتكاليف محاماة واستشارات عالية جداً.
الدرس اللي اتعلمناه من الحالات دي إن الاتساق والدقة في الوثائق هو حماية أساسية ضد المخاطر الضريبية. في جياشي، بنعمل دايماً مراجعة شاملة لكل وثائق الإفصاح قبل تقديمها، وبنتأكد إن الصورة اللي بتقدمها الشركة عن نفسها في الصين متسقة تماماً مع الصورة العالمية. كمان بننصح العملاء إنهم يجهزوا الوثائق دي بشكل استباقي، مش كرد فعل لطلب من المصلحة. الوثائق الجاهزة والمتكاملة بتكون أقوى حجة للشركة في أي مناقشة مع السلطات الضريبية.
التحديات العملية الشائعة
في الميدان، الشركات الأجنبية في الصين بتواجه تحديات عملية كتيرة في تطبيق قواعد التسعير التحويلي، مشكلتها مش في الفهم النظري للقواعد. التحدي الأول والأهم هو صعوبة إيجاد مقارنات مناسبة في السوق الصيني. في دول تانية، ممكن تلاقي بيانات مقارنة من شركات عامة أو قواعد بيانات تجارية، لكن في الصين، البيانات دي مش دايماً متاحة أو موثوقة. الشركات الصينية الخاصة، واللي بتكون غالباً المنافس الرئيسي، مابتبوحش ببياناتها المالية التفصيلية بسهولة.
تحدي تاني كبير هو الاختلافات الإقليمية داخل الصين نفسها. سياسات الضرائب وتطبيق قواعد التسعير التحويلي ممكن تختلف من مقاطعة لمقاطعة، وحتى داخل نفس المقاطعة ممكن تلاقي تفسيرات مختلفة. مرة من المرات، كان عندنا عميل في شنغهاي وعميل في تشنغدو، الاتنين في نفس المجال ونفس هيكل التعاملات ذات الصلة، لكن تعامل مصلحة الضرائب مع كل واحد كان مختلف. في شنغهاي، المصلحة كانت مركزة أكثر على منهجية التسعير، أما في تشنغدو فكان التركيز أكثر على النتائج النهائية ومقارنتها بمتوسطات الصناعة.
التحدي التالت اللي بنشوفه كتير هو صعوبة التوفيق بين متطلبات التسعير التحويلي في الصين ومتطلبات الدول التانية. الشركات المتعددة الجنسيات لازم تلتزم بقواعد كل دولة عاملة فيها، والمشكلة إن القواعد دي مش دايماً متسقة مع بعض. شركة ألمانية كنا نشتغل معاها كانت بتواجه مشكلة إن التسعير اللي يقبله النظام الضريبي الألماني كان مش مقبول في الصين، والعكس صحيح. الحل اللي توصلنا ليه بعد مفاوضات طويلة كان إننا طورنا منهجية تسعير مزدوجة بتأخذ في الاعتبار متطلبات الاتنين، مع وثائق مبررة كويس لكل جانب.
من واقع خبرتي، أهم أداة للتغلب على التحديات دي هي التواصل الاستباقي مع السلطات الضريبية. في الصين، في آلية اسمها "الاتفاقيات السابقة للأسعار" (Advance Pricing Agreements - APAs)، واللي بتمكن الشركة من الاتفاق مع مصلحة الضرائب على منهجية التسعير قبل ما تبدأ التعاملات الفعلية. رغم إن العملية دي ممكن تاخد وقت (من 6 لـ18 شهر)، لكنها بتوفر يقين ضريبي كبير وبتقلل المخاطر المستقبلية. في جياشي، ساعدنا أكثر من 15 عميل في الحصول على اتفاقيات سابقة للأسعار، والنتيجة كانت تجنب نزاعات ضريبية مكلفة على المدى الطويل.
آليات المراجعة والمنازعات
نظام مراجعة التسعير التحويلي في الصين بيطور بشكل مستمر، والسلطات الضريبية عندها الآن أدوات تحليلية متقدمة جداً. مصلحة الضرائب الصينية بتستخدم أنظمة ذكاء اصطناعي وتحليل بيانات ضخمة لتحديد الشركات اللي احتمال يكون فيها مشاكل في التسعير التحويلي. النظام بيقارن أداء الشركات مع متوسطات الصناعة، ويحلل الأنماط في التعاملات ذات الصلة، وبيحدد أي انحرافات كبيرة تستدعي التحقيق.
عندما تبدأ مراجعة ضريبية للتسعير التحويلي، العملية بتكون منهجية وعميقة. المراجعة بتكون عادة على مستوى مجموعة، مش شركة فردية، والمحققين بيكون عندهم صلاحية الوصول لجميع البيانات المالية والعملية للشركة في الصين. في الحالات الصعبة، ممكن حتى يطلبوا بيانات من الشركة الأم في الخارج، من خلال آليات تبادل المعلومات الضريبية الدولية اللي الصين وافقت عليها مع أكثر من 100 دولة.
تجربة عملية لا تنسى كانت مع عميل في مجال الأدوية، اتعرض لمراجعة ضريبية مفاجئة استمرت 10 شهور. المحققين طلبوا كل شيء: عقود مع الموردين والعملاء، سجلات الإنتاج، سياسات التسعير الداخلية، حتى رسائل البريد الإلكتروني بين الإدارة في الصين والشركة الأم. المشكلة الأساسية كانت إن الشركة كانت بتحدد أسعار الترخيص التكنولوجي بناءً على اتفاقية قديمة عمرها 8 سنين، من غير ما تتعدل لتعكس تغيرات السوق. النتيجة كانت تعديلات ضريبية كبيرة، مع غرامات وتأخير.
الدرس اللي اتعلمناه من الحالات دي إن أفضل است