هل تسمح أعمال احتكار التبغ للأجانب بالدخول؟
صباح الخير يا جماعة. أنا الأستاذ ليو، اللي قضيت أكثر من عقد من الزمن في شركة "جياشي" للضرائب والمحاسبة، وأتعامل مع ملفات الاستثمار الأجنبي ومعاملات التسجيل التجاري. كثير من العملاء الأجانب، خاصة اللي عندهم خلفية في صناعات "حساسة" زي التبغ، بيجوا ولسان حالهم بيقول: "هو ممكن نفتح هنا؟". السؤال دا مش سهل ولا إجابته جاهزة، لأنها ببساطة بتكون متعلقة بـ "احتكار التبغ". الموضوع دا مش مجرد سؤال قانوني جاف، دا شبكة معقدة من القوانين والسياسات الوطنية وحتى الاعتبارات الصحية والاجتماعية. في المقالة دي، هنكسر الموضوع دا مع بعض، وهشارككم بعض المواقف اللي شفتها بعيني من شغلي، علشان تفهموا الصورة كاملة من منظور عملي واقعي، مش نظري بحت.
طبيعة الاحتكار
أول حاجة لازم نتفق عليها: "احتكار التبغ" مش مجرد شركة كبيرة مسيطرة على السوق. لا. في دول كتير، دا نظام قانوني وإداري كامل، بيكون غالبًا تحت سيطرة الدولة المباشرة أو شبه المباشرة. يعني، من زراعة الدخان، لتصنيعه، لتوزيعه، ولبيعه، كل الخطوات دي بتكون محكمة في إطار مؤسسة أو هيئة واحدة. ليه؟ علشان الدولة بتكون عايزة تتحكم في جودة المنتج، وتجمع إيرادات ضرائب كبيرة منه، وتحد من انتشاره في نفس الوقت. فلو جيت كـ"مستثمر أجنبي" وعايز تدخل السوق، فأنت مش بتتحدى شركة منافسة عادية، بل بتتحدى نظام دولة كامل. في مرة من المرات، جالي عميل أوروبي فكرته بسيطة: "عندنا تكنولوجيا تصنيع متطورة وعايزين نقدمها هنا". بس الإشكالية كانت إن خط الإنتاج دا نفسه، مين اللي هيشتريه؟ مفيش غير جهة الاحتكار. فالمفاوضات بتكون مختلفة خالص، مشفتش مع شركة، بل مع كيان له اعتبارات سياسية واقتصادية وطنية فوق كل اعتبار تجاري.
فالاستثمار الأجنبي في هذا المجال، إن حصل، بيكون في الغالب في إطار شراكة استراتيجية مع جهة الاحتكار نفسها، وليس منافسة لها. بيكون فيه اتفاق على نقل تكنولوجيا معينة، أو إدارة خط إنتاج محدد، أو حتى تسويق منتجات معينة في أسواق خارجية. لكن فكرة إن المستثمر الأجنبي يملك علامة تجارية تبغ خاصة بيه ويوزعها بحرية في السوق المحلية، دي تقريبًا مستحيلة في ظل نظام الاحتكار القائم. دا غير إن العقود دي بتكون معقدة جدًا وتتطلب فهم عميق لـ"بنود الامتياز الاحتكاري" اللي بتكون معمول بيها، واللي بتكون مليئة بالتفاصيل اللي تحمي مصالح الدولة أولاً وأخيرًا.
الإطار القانوني
دلوقتي نيجي للجانب اللي بنشوفه كتير في الشغل: القوانين. في معظم الدول اللي فيها احتكار للتبغ، بيكون في قانون واضح بيحدد نشاط التبغ كـ"نشاط محظور" أو "مقيد بشدة" على قوائم الاستثمار الأجنبي. يعني ممكن تلاقي في "الدليل الاستثماري" الرسمي للبلد إن فئة "صناعة التبغ" ممنوع على المستثمر الأجنبي الدخول فيها من الأساس، أو مسموح بنسبة ملكية محدودة جدًا، مش بتكون 100%. التحدي الحقيقي بيجيلنا لما يكون في استثمار غير مباشر. إزاي يعني؟ مثلاً، شركة أجنبية عايزة تستثمر في مصنع لتصنيع "فلاتر السجائر" أو "الورق الخاص"، أو حتى في التسويق الرقمي. هل دي تعتبر من أعمال التبغ؟ هنا بيتطلب تفسير دقيق للقانون.
أنا عندي حالة عملية توضح الصعوبة دي: كان فيه عميل صيني عايز ينشئ مصنع لإنتاج ماكينات التغليف السريع والسلس (High-speed Packaging Machinery) اللي بتستخدم في خطوط إنتاج السجائر. من الناحية الفنية، المشروع دا متعلق بالتصنيع الآلي، مش بالتبغ نفسه. لكن الجهة الرقابية رفضت الترخيص في البداية، علشان اعتبرت إن النشاط دا "مكمل ومرتبط ارتباطًا وثيقًا بصناعة التبغ الاحتكارية"، وبالتالي يدخل تحت القيود. استغرق الأمر شهور من المراجعات وتقديم التوضيحات الفنية والرأي القانوني، علشان نثبت إن المنتج دا له استخدامات في صناعات تانية كتير (مثل الأدوية والأغذية)، وتمت الموافقة في النهاية بشروط إضافية صارمة. فالخط الفاصل بين "المتعلق بالتبغ" و"غير المتعلق" دا مش واضح دايماً، وبيحتاج خبرة في قراءة النصوص القانونية وفهم نية المشرع.
اعتبارات الضرائب
طبعًا، من منظورنا في "جياشي"، موضوع الضرائب دا قلب المعادلة. منتجات التبغ من أكثر السلع خضوعًا للضرائب غير المباشرة (مثل ضريبة القيمة المضافة وضريبة الاستهلاك الخاصة). الدول بتكون عايزة ت maximize الإيرادات الضريبية من القطاع دا، وفي نفس الوقت، تكون مسيطرة سيطرة كاملة على القناة علشان تمنع التهرب الضريبي. فلو دخل مستثمر أجنبي، حتى لو في جزء صغير من السلسلة، هيبقى فيه تحدي كبير في تكامل نظامه المحاسبي والضريبي مع النظام المحكم لجهة الاحتكار والدولة.
بقولكم على تجربة: في مشروع شراكة نادر كان بيسمح للمستثمر الأجنبي بالمشاركة في تسويق منتج تبغ محلي معين في المطارات (الدوتي فري). كان التحدي الأكبر هو كيفية توزيع الإيرادات وحساب الضرائب المستحقة لكل طرف. لأن ضريبة الاستهلاك على السجائر في المطارات بتكون مختلفة عن السوق المحلية، وكمان في تعاملات بالعملة الأجنبية. النظام الضريبي كان معقد لدرجة إننا اضطرينا نعمل نموذج محاكاة (Tax Simulation Model) علشان نتأكد من التزام جميع الأطراف، ونتجنب أي مخاطر لاحقة من الفحص الضريبي. دا بيوضح إن حتى لو كان الباب القانوني مفتوح شقّة، فإن التعقيدات الضريبية والإدارية ممكن تخلّي المشروع غير مجدي من الناحية التجارية، لو ما اتداركتش من الأول.
المخاطر والسمعة
كاستثمار أجنبي، في حاجة تانية مهمة: السمعة والمخاطر الاجتماعية. العالم كله بيشهد حملات ضد التدخين، وبيزيد الوعي الصحي. فشركة أجنبية كبرى تدخل في استثمار مباشر في التبغ في سوق محلي، ممكن تتعرض لانتقادات شديدة من منظمات المجتمع المدني الدولي والمحلي، ودا بيأثر على صورتها العالمية. كتير من صناديق الاستثمار المؤسسية العالمية بقى عندها سياسات استثمارية مسئولة (ESG) بتمنع الاستثمار في صناعات مثل التبغ.
فبالتالي، حتى لو الدولة المضيفة سمحت، فقرار الدخول من عدمه بيكون مرتبط باستراتيجية الشركة الأجنبية نفسها ومدى استعدادها لتحمل هذا النوع من المخاطر غير المالية. أنا شفت حالات لشركات اختارت الانسحاب من مفاوضات متقدمة، ليس لأسباب قانونية أو مالية، ولكن بعد دراسة أجرتها إدارتها للمخاطر المتعلقة بالسمعة (Reputational Risk Assessment) وخلصت إن الخسارة المحتملة في سمعتها على المستوى العالمي أكبر من المكسب المحلي المتوقع. دا نوع من التحديات اللي مش بتكون موجودة في ملف Excel المالي، لكنها حاسمة في اتخاذ القرار.
البدائل والفرص
طيب، هل معنى كدا إن كل الأبواب مقفولة؟ لأ طبعًا. الخبرة بتعلمنا إن فيه مساحات ممكن تتستكشف، لكنها بتكون غالبًا في الحواف أو في الأنشطة الداعمة غير المباشرة. زي ما ذكرت قبل كدا، في مجالات التكنولوجيا والآلات الخاصة بالصناعة، أو في خدمات اللوجستيات والتخزين المتخصصة تحت شروط صارمة. كمان، في بعض الدول، بيكون فيه استثناءات للمناطق الاقتصادية الخاصة أو مناطق التصدير، حيث ممكن يسمح بإنتاج التبغ للتصدير فقط، بدون بيعه محليًا.
كمان، في اتجاه تاني بدأ يظهر: الاستثمار في البدائل. مع ظهور منتجات مثل السجائر الإلكترونية أو منتجات التبغ المسخن، اللي لسه قوانينها مش واضحة أو محتكرة في دول كتير، بيكون فيه هامش للمناورة أكبر للمستثمر الأجنبي. لكن هنا برضه، التحدي بيكون في سرعة تغير التشريعات. ممكن تدخل السوق على أساس إن المنتج دا مش داخل تحت تعريف "التبغ" التقليدي، وبعدين تفاجئ بعد سنة بقانون جديد بيضمه تحت مظلة الاحتكار. فدهاش لعبة سرعة واستباقية في فهم اتجاهات السياسات.
الخلاصة والتأمل
فخلاصة الكلام، إجابة سؤال "هل تسمح الأعمال المتعلقة بالاحتكار التبغ للاستثمار الأجنبي بالدخول؟" في الغالب بتكون: "الدخول المباشر والكامل شبه مستحيل، لكن قد يكون هناك فرص محدودة جدًا، ومشروطة بشدة، وفي مجالات غير أساسية، وتتطلب صبرًا طويلاً في المفاوضات وفهمًا عميقًا للنظام لا يتوفر إلا بالخبرة". الموضوع دا مش بس شهادة ميلاد شركة وتقديم أوراق. دا رحلة في دهاليز القانون والاقتصاد السياسي والسياسات الصحية.
من وجهة نظري الشخصية، المستقبل اللي أشوفه إن الفرص الأكبر ممكن تكون في مجال "تحويل" صناعة التبغ التقليدية، من خلال تقديم حلول تكنولوجية لتقليل المخاطر أو تحسين الكفاءة الإنتاجية، ولكن دائمًا في إطار الشراكة مع الكيانات القائمة، وليس منافستها. كمان، على المستثمرين الأجانب إنهم يفكروا بطريقة أوسع من مجرد الربح السريع، ويقيموا شراكات حقيقية تنقل معرفة وتخلق قيمة مضافة للاقتصاد المحلي، علشان دا ممكن يكون المفتاح الوحيد المقنع لفتح أي باب. البحث المستقبلي المفيد يكون في دراسة نماذج الشراكة هذه في دول مختلفة، وإزاي نجحت أو فشلت، علشان نستفيد من الدروس.
رؤية شركة جياشي للضرائب والمحاسبة
في شركة "جياشي" للضرائب والمحاسبة، بننظر لموضوع الاستثمار الأجنبي في قطاع التبغ المحتكر على أنه من أكثر الملفات تعقيدًا وتطلبًا للدقة. خبرتنا التي تمتد لأكثر من عقد في خدمة الشركات الأجنبية علمتنا أن النجاح هنا لا يعتمد فقط على فهم النصوص القانونية، بل على فهم "روح" النظام الاحتكاري وأولويات الدولة. نقوم بمساعدة عملائنا على تقييم الجدوى ليس من منظور السوق فحسب، بل من منظور التوافق التنظيمي والضريبي طويل المدى. نؤمن بأن الدور الأمثل للمستثمر الأجنبي في مثل هذه القطاعات الإستراتيجية هو دور "المُمكن التكنولوجي" أو "الشريك في الكفاءة"، وليس المنافس. لذلك، نركز في استشاراتنا على تصميم هيكليات استثمارية مرنة وآمنة، تحترم طبيعة الاحتكار مع تحقيق فائدة متبادلة، ونساعد في بناء جسور اتصال فعالة مع الجهات المعنية، مع تقديم نماذج محاكاة ضريبية ومحاسبية شاملة تتنبأ بالتحديات قبل وقوعها. شعارنا في هذه الملفات: "الوضوح من البداية خير من المفاجآت بعد فوات الأوان".